د. سعاد محمد الصباح.. شاعرة وكاتبة وناقدة كويتية.. تُعد من أهم الشخصيات الأدبية المشهورة والمعاصرة في العالم العربي.. تلقت تعليمها الأولي في ابتدائية حليمة السعدية بالبصرة، ثم في الكويت بـ مدرسة «الخنساء»، وتعليمها الثانوي في مدرسة «المرقاب». حصلت على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية مع مرتبة الشرف من جامعة القاهرة في عام 1973، وعلى شهادة الماجستير من جامعة لندن في عام 1976، كما حصلت على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة ساري جلفورد في لندن عام 1981، وتجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية بالإضافة للغتها العربية الأم.

وقد حازت دواوينها الشِّعرية والأدبية على العديد من الجوائز والتكريمات، حيث تُعتبر واحدة من الشاعرات المحبوبة جماهيرياً.. أصدرت الكثير من الكُتب الأدبية والتاريخية من أهمها في عام 1990 حيث أصدرت كتاب «هل تسمحون لي أن أحب وطني» وهي عبارة عن مجموعة مقالات، وأصدرت منها طبعة ثانية في عام 1992؛ وكتاب توثيقي بعنوان «صقر الخليج عبد الله مبارك الصباح» عام 1995.

وفي عام 2007 أصدرت كتاب «الشيخ مبارك الصباح مؤسس دولة الكويت الحديثة»، و كتاب «تاريخ عبد الله مبارك الصباح في صور» عام 2015، وفي عام 2018 نشرت كتابًا بعنوان «الكويت في عهد عبدالله بن صباح الصباح بين عامي 1866-1892»، وفي نفس العام نشرت كتابًا بعنوان «مرت السنوات وما زالت هي الكلمات»، وفي عام 2019 كتاب «وتبقى شجرة الصداقة مثمرة»، والكتابان الأخيران عبارة عن مجموعة من المقالات، وغيرها.

وللأديبة د. سعاد الصباح الكثير من الدواوين الشِّعرية من أهمها: ومضات باكرة 1961، من عمري 1964، أمينة»1971، إليك يا ولدي 1982، وفي عام 1986 أصدرت «فتافيت امرأة»، واشتهر منه قصيدة «كن صديقي» التي غنتها الفنانة الرومي ولحنها الموسيقار عبدو منذر.

وتواصلت إصدارتها الشِّعرية ومنها أيضاً: في البدء كانت الأنثى 1988، حوار الورد والبنادق 1989، برقيات عاجلة إلى وطني 1990، آخر السيوف 1991، قصائد حب 1992، امرأة بلا سواحل 1994، خدني إلى حدود الشمس 1997، القصيدة الأنثى والأنثى القصيدة 1999، وغيرها العديد من الدواوين الشِّعرية الرائعة والمشوقة.

وتابعت الأديبة سعاد الصباح مشوارها الأدبي ونشاطاتها وأعمالها حيث نشرت العديد من المؤلفات في مجال الاقتصاد ومن أهم مؤلفاتها: التخطيط والتنمية في الاقتصاد الكويتي 1983، دور المرأة، أضواء على الاقتصاد الكويتي 1985م، وهو كتاب توثيقي تاريخي وفي العام التالي أصدرت كتابي «السوق النفطي الجديد»، و كتاب «أوبك بين تجارب الماضي وملامح المستقبل»، وفي عام 1990 أصدرت مجموعة بحوث بعنوان «المرأة الخليجية ومشاركتها في القوى العاملة».

وكَثُرَ في أشعارها حُبّ الوطن، وترى أنه: «لا خير في كاتب يتسلى في الكتابة ولا يضعها في خدمة وطنه وأمته»، وقد فاق اللون الأسود في أشعار د. سعاد الصباح على بقية الألوان، وهو يدلّ على الحزن والألم على فَقْد أحبائها، ذَكرتُه «32» مرة في دواوينها، ومن ذلك قولها: «ودموعي في ضحى المأساة شلّالٌ سخينٌ وثيابي السود تنعاني لدنيا اليائسين»، ثم اللون الأخضر الذي يدلّ على الحياة، وقد ذُكر «23» مرة، قالت: «قد سرقتني الحرب من طفولتي، واغتالت ابتسامتي، ومزّقت براءتي، واقتلعتْ أشجاريَ الخضراء»، ثم الأزرق «»19 مرة الدالّ على الصفاء، ثم الأحمر «11» مرة فالبنفسجي «6» مرات فالرمادي «4» مرات، فالأصفر الذي يعني الذبول، ولم تستعمل اللون البني، غيرَ أنها أكثرت من استعمال كلمة القهوة في معاني اللقاءات الودّيّة مع الأحباء.

وقالت: إن اضطرارها إلى استعمال اللون للتعبير عن المعاني التي تعجز عنها الكلمات: «أنتهي من القصيدة أحياناً فأجد معانيَ عالقةً في الذهن لم تجد اللغة إليها طريقاً، فيكون ملاذها اللون».

وعن قرب أشعار سعاد الصباح لشعر نزار قباني يقول الزميل أ. عبدالله الجعيثن: «سعاد الصباح.. هي أقرب شاعرة وشاعر لنزار، رقةً في المعنى، وجمالاً في المبنى، وحلاوة في الجرس والموسيقى، حتى اتهمها كثير من النقاد أنها تقلد نزار، ولا نوافق على هذا الاتهام بشكل مطلق، بل نعتبرها متأثرة بشعر نزار ولكنه تأثر الشعر الأصيل بالشعر الجميل دون محاكاة ناسخة أو تقليد كربوني، خاصة في التعبير عن مشاعر المرأة، فشعر المبدعة سعاد فيه عاطفة الأنثى، وعليه خاتم المرأة، ومهما قال نزار شعراً على لسان المرأة، فإنه لن يستطيع التعبير عن مشاعر المرأة، كما تستطيع المرأة نفسها، فرقٌ بين الأصل والصورة وبين الحقيقة والتمثيل، شعر المبدعة سعاد هو الأصل في التعبير الرقيق عن مشاعر المرأة».

ومن ذاكرة الجمال للشاعرة د. سعاد الصباح قصيدة بعنوان: «لا تنتقد خجلي الشديد» التي غنتها الفنانة نجاة الصغيرة، فقد صاغتها لنا الشاعرة سعاد الصباح بمفردات عذبة، وأحاسيس رقيقة، وصور جمالية تبقى في ذاكرة الجمال، ودائماً نجد في نصوصها تباشير الفرح، وملامح الشجن، ومدائن الجمال.. وكما تقول في هذا الاتجاه: «ألجأ إلى الشِّعر.. لأنه يمنحني الدفء الإنساني الذي لا تمنحه بقية الأشياء.. فالماديات تعطينا فرحاً كاذباً ومؤقتاً..»

ماذا أريدُ إذا أتى العامُ الجديدْ..؟

كم أنت طفلٌ في سؤالِكَ..

كيف تجهلُ، يا حبيبي، ما أريدْ؟

إني أريدُكَ أنتَ وحدَكَ..

أيُّها المربوطُ في حَبْلِ الوريدْ

كلُّ الهدايا لا تثيرُ أنوثتي

لا العطرُ يُدْهِشُني..

ولا الأثوابُ تُدهِشُني..

ولا القَمَرُ البعيدْ..

ماذا سأفعلُ بالعُقُودِ.. وبالأساورْ؟

ماذا سأفعلُ بالجواهِرْ؟

يا أيُّها الرجُلُ المسافرُ في دَمِي

يا أيّها الرجُلُ المسافرْ

ماذا سأفعلُ في كنوزِ الأرضِ..

يا كنزي الوحيد؟..

وقد نالت الأديبة والناقدة سعاد الصباح العديد من الجوائز وتكرمت في أكثر من مناسبة خلال مسيرتها الأدبية من أهمها: درع جمعية الاقتصاديين الكويتيين، ووسام الثقافة التونسية، ودرع التفوق من كلية الاقتصاد والعلوم الإنسانية في جامعة القاهرة، والميدالية الفضية من معهد العالم العربي في باريس.

وتم تكريمها في العديد من الدول لإصداراتها الشّعرية وإنجازاتها الأدبية ومقالاتها الأدبية والاقتصادية والسياسية، كما كرمها المنتدى الثقافي المصري بإصدار مجلدين حملا الكثير من البحوث والشهادات عن إبداعها في مجال الأدب والشِّعر وجهدها في مجال القضايا الإنسانية.

وكرمتها جامعة الكويت ممثلة بقسم اللغة العربية، ومجموعة من المؤسسات والهيئات الكويتية والعربية في احتفالية «يوم الأديب الكويتي». واختيرت كضيفة شرف لمؤتمر المرأة العالمي الذي عقد في بكين عام 1995.

ختاماً.. عن عشق الحرف والكتابة تقول: إن الكتابة عندها ليست عملاً مجانياً ولا عبثياً، ولا استعراضياً، بل «إنها عمل يستهدف التغييرَ بالدرجة الأولى، تغييرَ الإنسان العربي عقلياً واجتماعياً»،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *